كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فلما قال ذلك أيوب وأصحابه عنده أظله غمام حتى ظن أصحابه أنه عذاب، ثم نودي يا أيوب إن الله يقول ها أنا قد دنوت منك ولم أزل منك قريبًا قم فأدل بعذرك وتكلم ببراءتك وخاصم عن نفسك واشدد أزرك وقم مقام جبار يخاصم جبارا إن استطعت، فإنه لا ينبغي أن يخاصمني إلا جبار مثلي. لقد منتك نفسك يا أيوب أمرًا، ما يبلغ لمثله مثلك.
أين أنت مني يوم خلقت الأرض فوضعتها على أساسها؟ هل كنت معي تمد بأطرافها؟ هل علمت أي مقدار قدرتها، أم على أي شيء وضعت أكنافها.
أبطاعتك حمل الماء الأرض، أم بحكمتك كانت الأرض للماء غطاء؟ أين كنت مني يوم رفعت السماء سقفًا في الهواء لا تعلق بسبب من فوقها ولا يقلها دعم من تحتها؟ هل يبلغ من حكمتك أن تجري نورها أو تسير نجومها أو يختلف بأمرك ليلها ونهارها؟ أين كنت مني يوم أنبعت الأنهار وسكبت البحار؟ أبسلطانك حبست أمواج البحار على حدودها أم بقدرتك فتحت الأرحام حين بلغت ملتها؟ أين كنت مني يوم صببت الماء على التراب ونصبت شوامخ الجبال؟ هل تدري على أي شيء أرسيتها أم بأي مثقال وزنتها؟ أم هل لك من ذراع تطيق حملها؟ أم هل تدري من أين الماء الذي أنزلت من السماء؟ أم هل تدري من أي شيء أنشأت السحاب؟ أم هل تدري أين خزانة الثلج؟ أم أين جبال البرد؟ أم أين خزانة الليل بالنهار وخزانة النهار بالليل؟ وأين خزانة الريح؟ وبأي لغة تتكلم الأشجار ومن جعل العقول في أجواف الرجال؟ وشق الأسماع والأبصار؟ ومن ذلت الملائكة لملكه وقهر الجبارين بجبروته وقسم الأرزاق بحكمته؟ في كلام كثير يدل على آثار قدرته ذكرها لأيوب فقال أيوب: صغر شأني وكل لساني وعقلي ورأيي وضعفت قوتي عن هذا الأمر الذي يعرض على إلهي.
قد علمت أن كل الذي قد ذكرت صنع يديك وتدبير حكمتك وأعظم من ذلك وأعجب لو شئت عملت ولا يعجزك شيء ولا تخفى عليك خافية إلهي أوثقني البلاء فتكلمت ولم أملك نفسي فكان البلاء الذي أنطقني. ليت الأرض انشقت بي فذهبت فيها ولم أتكلم بشيء يسخطك. ربي وليتني مت بغمي في أشد بلائي قبل ذلك. إنما تكلمت حين تكلمت بعذري، وسكت حين سكت لترحمني كلمة زلت مني فلن أعود، وقد وضعت يدي على فمي وعضضت على لساني وألصقت بالتراب خدي، أعوذ بك اليوم منك وأستجير بك من جهد البلاء، فأجرني وأستغيث بك من عقابك فأغثني، وأستعينك عن أمري فأعني، وأتوكل عليك فاكفني، وأعتصم بك فاعصمني وأستغفرك فاغفر لي فلن أعود لشيء تكرهه مني.
قال الله تعالى: يا أيوب نفذ فيك علمي وسبقت رحمتي غضبي، فقد غفرت لك، ورددت عليك أهلك ومالك ومثلهم معهم لتكون لمن خلفك آية وتكون عبرة لأهل البلاء وعزًا للصابرين، فاركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب، فمنه تناول وقرب عن أصحابك قربانًا استغفر لهم، فإنهم قد عصوني فيك.
روي عن أنس يرفعه أن أيوب لبث ببلائه ثماني عشرة سنة، وقال وهب: ثلاث سنين لم يزد يوما، وقال كعب: سبع سنين، وقال الحسن: مكث أيوب مطروحًا على كناسة لبني إسرائيل سبع سنين وأشهرًا يختلف فيه الدود لا يقربه أحد غير رحمة صبرت معه بصدق، وكانت تأتيه بالطعام، وتحمد الله معه إذ حمد، وأيوب مع ذلك لا يفتر عن ذكر الله تعالى والصبر على بلائه، فصرخ إبليس صرخة جمع فيها جنوده من أقطار الأرض، فلما اجتمعوا إليه قالوا: ما أحزنك؟ قال: أعياني هذا العبد الذي لم أدع له مالًا ولا ولدًا ولم يزدد إلا صبرًا، ثم سلطت على جسده فتركته قرحة ملقاة على كناسة لا تقربه إلا امرأته، فاستعنت بكم لتعينوني عليه، فقالوا له: فأين مكرك الذي أهلكت به من مضى؟ قال: بطل ذلك كله في أيوب فأشيروا على قالوا: من أين أتيت آدم حين أخرجته من الجنة؟ قال: من قبل امرأته. قالوا فشأنك بأيوب من قبل امرأته فإنه لا يستطيع أن يعصيها وليس يقربه أحد غيرها.
قال: أصبتم فانطلق إبليس حتى أتى رحمة امراة أيوب وهي تصدق فتمثل لها في صورة رجل وقال لها: أين بعلك يا أمة الله؟ قالت هو ذاك يحك قروحه ويتردد الديدان في جسده.
فلما سمعها طمع أن تكون كلمة جزع، فوسوس إليها وذكرها ما كانت فيه من النعم والمال، وذكرها جمال أيوب وشبابه وما هو فيه من الضر، وأن ذلك لا ينقطع عنه أبدًا، فصرخت فعلم أنها قد جزعت فأتاها بسخلة وقال: ليذبح لي هذه أيوب ويبرأ افجاءت تصرخ يا أيوب حتى متى يعذبك ربك أين المال أين الولد أين الصديق أين لونك الحسن أين جسمك الحسن؟ اذبح هذه السخلة واسترح.
قال أيوب: أتاك عدو الله فنفخ فيك؟ ويلك أرأيت ما تبكين عليه من المال والولد والصحة من أعطانيه؟ قالت الله قال كم متعنا به قالت ثمانين سنة.
قال فمنذ كم ابتلانا قالت منذ سبع سنين وأشهر قال ويلك ما أنصفت ربك ألا صبرت في البلاء ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ثمانين سنة، والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة أمرتيني أن أذبح لغير الله.
طعامك وشرابك الذي تأتيني به على حرام أن أذوق منه شيئًا أعزبي عني فلا أراك، فطردها، فذهبت.
فلما نظر أيوب وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق خر ساجدًّا لله وقارب {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} فقيل له ارفع رأسك فقد استجبت لك اركض برجلك، فركض برجله فنبعت عين ماء، فاغتسل منها فلم يبق عليه من درنه ودائه شيء ظاهر إلا سقط، وعاد شبابه وجماله أحسن ما كان، ثم ضرب برجله فنبعت عين أخرى فشرب منها، فلم يبق في جوفه داء إلا خرج، فقام صحيحًا وكسي حلة فجعل يلتفت فلا يرى شيئًا مما كان عليه وما كان له.
من أهل ومال إلا وقد ضعفه الله له وذكر لنا أن الماء الذي اغتسل منه تطاير على صدره جراد من ذهب فجعل يضمه بيده فأوحى الله إليه يا أيوب ألم أغنك؟ قال بلى ولَكِنها بركتك فمن يشبع منها؟ قال: فخرج حتى جلس على مكان مشرف.
ثم إن امرأته قالت: أرأيت إن كان طردني إلى من أكله؟ أدعه يموت جوعًا؟ ويضيع فتأكله السباع؟ لأرجعن إليه.
فرجعت إليه فلا الَكِناسة رأت، ولا تلك الحالة التي كانت تعرف، وإذا الأمور قد تغيرت فجعلت تطوف حيث كانت الَكِناسة وتبكي وذلك بعيني أيوب، وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأله عن أيوب، فدعاها وقال: ما تريدين يا أمة الله فبكت وقالت: أردت ذلك المبتلى الذي كان منبوذًا على الَكِناسة لا أدري أضاع أم ما فعل به؟ فقال أيوب: ما كان منك فبكت وقالت بعلي.
فقال هل تعرفينه إذا رأيتيه؟ قالت وهل يخفى على أحد رآه ثم جعلت تنظر إليه وهي تهابه ثم قالت: أما إنه أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحًا.
قال: فإني أنا أيوب الذي أمرتني أن أذبح لإبليس، وإني أطعت الله وعصيت الشيطان ودعوت الله فرد على ما ترين.
وقال وهب: لبث أيوب في البلاء ثلاث سنين، فلما غلب أيوب إبليس ولم يستطع منه شيئًا اعترض امرأته في هيئة ليست كهيئة بني آدم في العظم والجسم والجمال على مركب ليس من مراكب الناس له عظم وبهاء.
فقال لها: أنت صاحبة أيوب هذا الرجل المبتلى قالت نعم. قال: هل تعرفيني؟ قالت لا.
قال: أنا إله الأرض وأن الذي صنعت بصاحبك ما صنعت لأنه عبد إله السماء وتركني فأغضبني ولو سجد لي سجدة واحدة رددت عليك وعليه كل ما كان لكما من مال وولد فإنه عندي ثم أراها إياه ببطن الوادي الذي لقيها فيه.
وفي بعض الكتب أن إبليس قال لها اسجدي لي سجدة واحدة حتى أرد عليك المال والولد وأعافي زوجك. فرجعت إلى أيوب فأخبرته بما قال لها وما رأها.
قال: لقد أتاك عدو الله ليفتنك عن دينك، ثم أقسم إن عافاه الله ليضربها مائة جلدة وقال عند ذلك: مسني الضر من طمع إبليس في سجود حرمتي له ودعائه إياها وإياي إلى الكفر.
ثم إن الله تعالى رحم رحمة امرأة أيوب بصبرها معه على البلاء وخفف عليها، وأراد أن يبر يمين أيوب، فأمره أن يأخذ ضغثًا يشتمل على مائة عود صغير فيضربها به ضربة واحدة.
وقيل: لم يدع الله بالكشف عنه حتى ظهرت له ثلاثة أشياء: أحدها: ما قيل في حقه: لو كان لك عند الله منزلة ما أصابك هذا، والثاني: أن امرأته طلبت طعامًا فلم تجد ما تطعمه فباعت ذوائبها فأتته بطعام، والثالث: قول إبليس: إني أدوايه على أن يقول أنت شفيتني.
وقيل مسني الضر أي من شماتة الأعداء حتى روي أنه قيل له بعد ما عوفي ما كان أشد عليك في بلائك؟ قال: شماتة الأعداء.
فإن قلت كيف سماه الله صابرًا وقد أظهر الشكوى والجزع بقوله: {مسني الضر} وقوله: {مسني الشيطان بنصب وعذاب} قلت: ليس هذا شكاية وإنما هو دعاء بدليل.
قوله تعالى: {فاستجبنا له} والشكوى إنما تكون إلى الخلق لا إلى الخالق بدليل قول يعقوب إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وقال سفيان بن عيينة: من أظهر الشكوى إلى الناس وهو راض بقضاء الله تعالى لا يكون ذلك جزعًا كما روي «أن جبريل عليه السلام داخل على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فقال كيف تجدك؟ قال: أجدني مغموما وأجدني مكروبًا».
وقال لعائشة حين قالت: وارأساه: «بل أنا وارأساه» قوله تعالى: {فاستجبنا له} أي أجبنا دعاءه {فكشفنا ما به من ضر} وذلك أنه قال له {اركض برجلك} فركض برجله فنبعت عين ماء فأمره أن يغتسل منها ففعل فذهب كل داء كان بظاهره ثم مشى أربعين خطوة فأمره أن يضرب برجله الأرض مرة أخرى ففعل، فنبع عين ماء بارد، فأمره أن يشرب منها، فشرب، فذهب كل داء كان بباطنه فصار كأصح ما كان {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال ابن مسعود وابن عباس وأكثر المفسرين: رد الله إليه أهله وأولاده بأعيانهم وأحياهم الله وأعطاه مثلهم معهم، وهو ظاهر القرآن، وعن ابن عباس رواية أخرى أن الله رد إلى المرأة شبابها فولدت له ستة وعشرين ذكرًا. وقيل كان له سبع بني وسبع بنات.
وعن أنس يرفعه أن كان له أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله سحابتين فأفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب، وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاضا. وروى أن الله تعالى بعث إليه ملكًا وقال له: إن ربك يقرئك السلام بصبرك فاخرج إلى أندرك، فخرج إليه فأرسل الله عليه جرادًا من ذهب فذهبت واحدة فأتبعها وردها إلى أندره فقال له الملك ما يكفيك ما أندرك؟ فقال هذه بركة من بركات ربي ولا أشبع من بركاته خ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما أيوب يغتسل عريانًا خر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب ولَكِني لا غنى لي عن بركتك» وقيل: أتى الله أيوب مثل أهله الذي هلكوا.
قال عكرمة: قيل لأيوب إن أهلك في الآخرة فإن شئت عجلناهم لك في الدنيا، وإن شئت كانوا لك في الآخرة وآتيناك مثلهم في الدنيا فقال: بل يكونون لي في الآخرة وأوتى مثلهم في الدنيا.
فعلى هذا يكون معنى الآية {وآتيناه أهله} في الآخرة ومثلهم معهم في الدنيا وأراد بالأهل الأولاد {رحمة من عندنا} إي نعمة {وذكرى للعابدين} يعني عظة وعبرة لهم.
قوله: {وإسماعيل} هو ابن إبراهيم صلى الله عليه وسلم {وإدريس} هو أخنوخ {وذا الكفل كل من الصابرين} لما ذكر الله أمر أيوب وصبره على البلاء أتبعه بذكر هؤلاء الأنبياء لأنهم صبروا على المحن والشدائد والعبادة أيضًا.
أما إسماعيل صلى الله عليه وسلم فإنه على الانقياد إلى الذبح.
وأما ادريس فقد تقدمت قصته.
وأما ذو الكفل فاختلفوا فيه فقيل نبيًّا من بني إسرائيل وكان ملكًا أوحى الله إليه إني أريد قبض روحك فاعرض ملكك على بني إسرائيل فمن تكفل أنه يصلي الليل ولا يفتر ويصوم النهار ولا يفطر ويقضي بين الناس ولا يغضب فادفع ملكك إليه ففعل ذلك، فقام شاب فقال: أنا أتكفل لك بهذا، فتكفل ووفى فشكر الله له ونبأه فسمي ذا الكفل.
وقيل: لما كبر اليسع قال إني أستخلف رجلًا على الناس يعمل عليهم في حياتي أنظر كيف يعمل قال: فجمع الناس وقال: من يتقبل من ثلاثًا أستخلفه يصوم النهار ويقوم الليل ويقضي ولا يغضب فقام رجل تزدريه العين فقال: أنا، فاستخلفه فأتاه إبليس في صورة شيخ ضعيف حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام من الليل والنهار إلا تلك النومة: فدق الباب فقال: من هذا، فقال: شيخ كبير مظلوم، فقام ففتح الباب فقال إني بيني وبين قومي خصومة وإنهم ظلموني وفعلوا وفعلوا، وجعل يطول عليه؛ حتى ذهبت القائلة فقال: إذا رحت فائتني حتى آخذك حقك، فانطلق وراح فكان في مجلسه ينظر هل يرى الشيخ فلم يره فقام يبتغيه فلم يجده، فلما كان الغد جعل يقضي بين الناس وينتظره فلم يره، فلما رجع إلى القائلة وقال وأخذ مضجعه دق الباب فقال: من هذا فقال: الشيخ المظلوم ففتح وقال له: ألم أقل إذا قعدت فائتني؟ قال: إنهم أخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا نحن نعطيك حقك إذا قمت جحدوني قال: فانطلق فإذا جلست فائتني وفاتته القائلة، فلما جلس جعل ينظر فلا يراه وشق عليه النعاس فلما كان اليوم الثالث قال لبعض أهله لا تدعن أحدًا يقرب هذا الباب حتى أنام فإنه قد شق على النعاس فلما كانت تلك الساعة نام فجاء فلم يأذن له الرجل فلما أعياه نظر فرأى كوة في البيت فتسور منها، فإذا هو في البيت فدق الباب من داخل فاستيقظ فقال يا فلان ألم آمرك قال أما من قبلي فلم تؤت فانظر من أين أتيت فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه، وإذا الرجل معه في البيت فقال: أتنام والخصوم ببابك، فنظر إليه فعرفه فقال: أعدو الله؟ قال نعم أعييتني وفعلت ما فعلت لأغضبك فعصمك الله فسمي ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به، واختلف في نبوته فقيل كان نبيًّا، وهو إلياس وقيل هو زكريا، وقيل إنه كان عبدًا صالحًا ولم يكن نبيًّا {وأدخلناهم في رحمتنا} يعني ما أنعم به عليهم من النبوة وصبرهم إليه في الجنة من الثواب {إنهم من الصالحين}.
قوله: {وذا النون} أي واذكر صاحب الحوت أضيف إلى الحوت لابتلاعه إياه وهو يونس بن متى {إذ ذهب مغاضبًا} قال ابن عباس في رواية عنه: كان يونس وقومه يسكنون فلسطين فغزاهم ملك فسبى منها تسعة أسباط ونصفًا وبقي منهم سبطان ونصف، فأوحى الله إلى شعياء النبي أن سر إلى حزقيل الملك وقل له يوجه نبيًّا قويًا فإني ألقي في قلوب أولئك حتى يرسلوا معه بني إسرائيل فقال له الملك: فمن ترى، وكان في مملكته خمسة من الأنبياء.
قال: يونس إنه قوي أمين فدعا الملك يونس: وأمره أن يخرج فقال يونس هل الله أمرك بإخراجي؟ قال لا.
قال فهل سماني الله لك؟ قال لا.
قال ها هنا غيري أنبياء أقوياء، فألحوا عليه فخرج مغاضبًا للنبي وللملك وقومه وأتى بحر الروم فركب وقيل ذهب عن قومه مغاضبًا لربه لما كشف عنه العذاب بعد ما أوعدهم وكره أن يكون بين أظهر قوم جربوا عليه الخلف فيما أوعدهم، واستحيا منهم ولم يعلم السبب الذي رفع العذاب عنهم به فكان غضبه أنفقة من ظهور خلف وعده وأنه يسمى كذابًا لا كراهية لحكم الله.